وزير الشؤون الخارجية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة : نحن جميعا مطالبون بمضاعفة الجهود لإيجاد حلول تضمن الأمن والسلام والعيش الكريم لكل شعوب العالم

معالي الوزير

26 سبتمبر 2022

 أكد معالي وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج، السيد محمد سالم ولد مرزوك، أهمية مضاعفة الجهود لإيجاد حلول تضمن الأمن والسلام والعيش الكريم لكل شعوب العالم، مطالبا بمساعدة الدول النامية والفقيرة في مواجهة التحديات التي تهدد أمنها الغذائي، مجددا المطالبة بإلغاء المديونية الخارجية عن دول القارة الافريقية.

وتحدث في خطاب ألقاه باسم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، اليوم الاثنين امام الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عن الجهود التي تبذلها موريتانيا لإرساء دعائم دولة القانون، والحكامة الرشيدة وتوطيد اللحمة الاجتماعية وتأهيل الإنسان والمحافظة على كرامته وصحته، وترقية الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية :

وفيما يلي نص الخطاب:

“بسـم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على أشرف المرسلين؛

السيد الرئيس؛

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ؛

صاحب المعالي أنطونيو غوتيريس،الأمين العام للأمم المتحدة؛

أصحاب المعالي والسعادة؛

السيدات والسادة؛

يسعدني أن ألقي، باسم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني كلمة الجمهورية الإسلامية الموريتانية في هذه الدورة، وأن أنقل إلى جمعكم الموقر خالص تحياته وتمنياته بالتوفيق والنجاح.

ويطيب لي بهذه المناسبة، أن أتقدم بأحر التهانئ إلى صاحب السعادة كسابا كوروشي على توليه رئاسة الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي اتخذت شعارا لها: “الحلول من خلال التضامن والاستدامة والعلوم”، متمنيا له كل التوفيق في قيادتها.

و أود كذلك أن أتقدم، بجزيل الشكر إلى معالي الوزيــــر عبــد اللــه شاهــــد على الكفاءة العالية التي أدار بها الدورة السادسة والسبعين.

كما أعرب عن فائق تقديرنا واحترامنا للأمين العام للأمم المتحدة السيد أونطنيو غوتيرس ودعمنا لما يبذله من جهود لتطوير منظمة الأمم المتحدة وتعزيز دورها.

السيد الرئيس،

السيدات والسادة،

تنعقد دورتنا هذه في ظروف بالغة التعقيد على مستوى العالم تتمثل في الحرب في أوكرانيا وجائحة كوفيد-19، علاوة على التهديدات الإرهابية المختلفة والكوارث الطبيعية الناجمة عن التغير المناخي.

وبالفعل، لقد شكلت الأزمات المتلاحقة التي يواجهها العالم اليوم، وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية غير المسبوقة، تحديا كبيرا على كافة الأصعدة، وعلى الأمن الغذائي العالمي بوجه خاص. ومن الطبيعي أن يكون أثر هذا الوضع الصعب أكثر حدة وخطورة على الدول النامية بسبب هشاشتها وضعف قدرتها على الصمود،

فقد قامت الحرب في أوكرانيا، والعالم لم يتعاف بعد من تداعيات الجائحة، وتسببت في تعطيل إمدادات الغذاء والطاقة وسلاسل التوريد، مما أدى إلى ارتفاع مذهل في أسعار السلع بشكل عام.

ولو لا الجهود الجبارة التي بذلتها، مشكورة، الأمم المتحدة وتركيا وكل الأطراف المعنية، والتي أفضت إلى التوصل للاتفاق الهام حول استئناف تصدير الحبوب والأسمدة عبر ممرات آمنة، لوقع العالم في كارثة محققة.

ومع ذلك فإننا نعتبر أن التدابير المتخذة في هذا المجال من طرف المجتمع الدولي لا تزال دون المستوى المطلوب، لذا فنحن مطالبون جميعا اليوم، بمضاعفة الجهود لإيجاد حلول تضمن الأمن والسلام والعيش الكريم لكل شعوب العالم؛ وتلك، كما تعلمون، هي الأهداف التي من أجلها أسست منظمة الأمم المتحدة.

ومن هذا المنبر تطالب بلادي، الجمهورية الإسلامية الموريتانية، المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه الدول النامية والفقيرة ومساعدتها بشكل سريع على مواجهة التحديات التي تهدد أمنها الغذائي، واحتواء الأضرار الناجمة عنها. وفي هذا الإطار نجدد دعوتنا لإلغاء المديونية الخارجية لدول القارة الإفريقية.

السيد الرئيس

السيدات والسادة

إن الفجوة التي تتسع يوما بعد يوم، بين عالمين، دخل أحدهما، بخطى حثيثة في الثورة الصناعية الرابعة وعصر الذكاء الاصطناعي، بينما لا يزال الثاني بفعل الجهل والفقر يرزح تحت وطأة التخلف، تدعونا للتفكير ملِيًّا، وبصورة جماعية متضامنة، في سبل التصدي الناجع لتحديات العصر بما يضمن تحقيق التنمية الشاملة المستدامة المتوازنة التي تضع الإنسان وإسعاده في صلب اهتماماتها. ومن ثم فإنه يجدر بنا أن نستحضر هذه المفارقة ونتأملها في هذا المحفل الدولي الكبير، الذي ينعقد تحت شعار التضامن والاستدامة والعلوم، كما يمثل فرصة لتقييم مدى نجاعة المقاربات والخطط المعتمدة لرفع التحديات المشتركة.

واسمحوا لي، في هذا المقام، أن أقدم بإيجاز جهود بلادي لإرساء دعائم دولة القانون، والحكامة الرشيدة وتوطيد اللحمة الاجتماعية وتأهيل الإنسان والمحافظة على كرامته وصحته، سبيلا لتوفير شرو ط النهضة الوطنية والتغلب على معوقات التقدم والازدهار.

لقد خطت بلادي خطوات هامة على درب تسييد قيم المساواة والعدل؛ وترقية الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية، وحرية الصحافة؛ وانتهاج الحوار والتشاور كأسلوب لإدارة الشأن العام، والإشراك الفاعل للمجتمع المدني في الاستراتيجيات التنموية.

كما كرست فصل السلطات واستقلال القضاء وتمكين البرلمان من ممارسة دوره كاملا في الرقابة والمساءلة. وتم اعتماد الشفافية في تسيير الشأن العام وفي استغلال الثروات الوطنية، وتطوير الآليات القانونية والتنظيمية الكفيلة بالقضاء على الفساد و الرشوة،

وقد عززت بلادي كذلك الجهود الرامية إلى حماية وترقية حقوق الإنسان من خلال مكافحة الأشكال الحديثة للاسترقاق والاتجار بالبشر وحماية حقوق المرأة والطفل، فضلا عن محاربة الهجرة غير الشرعية والجريمة العابرة للحدود،

وفيما يتعلق بتعزيز اللحمة الاجتماعية، نفذت حكومة بلادي، في إطار برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني برامج هامة لترسيخ الوحدة الوطنية ومؤازرة وإنصاف الفئات الفقيرة والهشة، شملت تشييد السدود وبناء المدارس وإنشاء المراكز الصحية وتوفير الماء الصالح للشرب لعدد كبير من القرى، ومساعدة الأسر على تحسين ظروف حياتها، وتحمل أعباء التأمين الصحي عن 15 في المائة من السكان، كمرحلة أولى قبل تعميمه.

كما حرَصت، خلال الأزمات على حماية القدرة الشرائية للمواطنين من خلال ضبط أسعار المواد الأساسية وضمان التموين الدائم للسوق بها ومنع المضاربة فيها.

و تقدم بلادي، من جهة أخرى المساعدة اللازمة لأزيد من 85 ألف لاجئ من جمهورية مالي الشقيقة في مخيم “أمبرة” جنوب شرق موريتانيا، بالتعاون مع ممثليات الأمم المتحدة المعنية المعتمدة في موريتانيا؛

و في إطار الاستثمار في رأسمال البشري، تم إعداد برامج واسعة لتكوين الشباب وتأهيله وتمكينه من ولوج سوق العمل وحمايته من الغلو والتطرف. كما تم تعزيز تمكين المرأة، وإشراكها بقوة في الحياة السياسية وتسيير الشأن العام,

وفي ذات السياق، شرعت بلادنا في عملية إصلاح واعدة لمنظومتنا التربوية تنطلق من تشخيص دقيق لمكامن الخلل فيها، شاركت في إعدادها، إلى جانب المختصين، جميع مكونات الأسرة التربوية والقوى الحية في البلاد.

وفي مجال الصحة، تضاعفت جهود بلادي للعناية بصحة المواطنين عبر توسيع نطاق عرض الخدمات الصحية وتحسينها، وضمان الولوج إلى الأدوية عاليةِ الجودة.

كل ذلك في الوقت الذي تُبذَلُ فيه جهود جادة لتعزيز الاقتصاد الوطني وتنويعه وجعله أكثرَ صلابةً وقدرةً على الصمود أمام الصدمات والأزمات الطارئة.

السيد الرئيس

السيدات والسادة

لقد حرَصت بلادي، موريتانيا، على وضع مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب ومختلف أشكال الغلو والتطرف تراعي الأبعاد الأمنية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية، وتم العمل في هذا الإطار، مع شركائنا الإقليميين والدوليين على تكثيف التشاور والتنسيق في تنفيذها مع مراعاة الاحترام التام لحقوق الإنسان.

وتجسيدا لهذه الرؤية، نعتبر أن، مجموعة دول الساحل الخمس تشكل إطارا لا غنى عنه لمواجهة الإرهاب وتحقيق تنمية واعدة في المنطقة، ومن ثم، فإننا ندعو لدعمها لتتجاوز العراقيل التي تعترض طريقها حاليا.

السيد الرئيس

السيدات والسادة

لقد ركزت بلادي، في مجال البيئة والتنمية المستدامة، على الطاقات المتجددة، حيث وصلت نسبة الطاقة النظيفة إلى 40 % من مجموع الطاقة التي نستهلكها، وتتواصل الجهود لرفع هذه النسبة تحقيقا للأهداف المرسومة؛

وفي هذا الميدان يتنزل مسعى موريتانيا الجاد إلى أن تستفيد مما حباها الله به من مقدرات طبيعية هائلة تتمثل في وفرة الرياح وأشعة الشمس، لإنتاج الهيدروجين الأخضر بما يدعم الصناعات المحلية ويخدم التطور الاقتصادي والاجتماعي للبلاد .

وقد أحرزنا كذلك نتائج هامة وفي نطاق سعينا إلى إيقاف التصحر وإعادة تأهيل المساحات التي تضررت بسببه، هذا علاوة على الجهود المبذولة لعقلنة استغلال مواردنا البحرية واستعادة التنوع البيولوجي لمنظومتنا البيئية.

وفي هذا السياق، تعلق بلادي آمالا كبيرة على قمة المناخ COP 27،المقرر عقدها في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية الشقيقة من 06 إلى 18 نوفمبر، وتتطلع إلى أن تحترم الدول الصناعية التزاماتها بخفض الانبعاثات، وكذلك تعهداتها في قمة باريس.

السيد الرئيس

السيدات والسادة

إن بلادي، موريتانيا، تجدد وقوفها الدائم إلى جانب القضايا العادلة في كل مكان من العالم، ومن هنا تؤكد ما يلي:

تمسكها بحق الشعب الفلسطيني في الكرامة والسيادة في إطار دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية طبقا لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة، وتجدد كذلك شجبها للخروقات الإسرائيلية المستمرة لحقوق الإنسان في فلسطين وباقي الأراضي العربية؛

حرصها على السعي الجاد للوصول إلى حل سياسي يصون وحدة الجمهورية العربية السورية الشقيقة واستقلالها وكرامة شعبها وحقه في العيش في أمن وسلام؛

دعمها للشرعية في اليمن الشقيق ودعوتها إلى انتهاج سبل الحل السلمي وفقا للمبادرات العربية والقرارات الدولية ذات الصلة؛

موقفها الثابت من النزاع في الصحراء الغربية، ودعمها لجهود الأمم المتحدة، ولكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة الرامية إلى إيجاد حل مستدام ومقبول لدى الجميع؛

دعوتها إلى إيجاد حل يصون وحدة وسيادة دولة ليبيا الشقيقة، ودعمها الجهود الدولية في هذا الصدد؛

دعمها للجهود المبذولة للعودة إلى الوضع الدستوري في جمهورية مالي الشقيقة؛

قلقها من استمرار الحرب في أوكرانيا، ومطالبتها الأطراف المعنية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات بغية التوصل إلى حل ينهي الحرب ويجنب المنطقة والعالم المزيد من المآسي والدمار.

وأشكركم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”